فصل: كتاب البعث

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي للفتاوي ***


كتاب البعث

مسألة‏:‏

هل ورد أن الزامر يأتي يوم القيامة بمزماره أن السكران يأتي بقدحه وأن المؤذن يأتي يؤذن‏.‏

الجواب‏:‏

نعم ورد ما يقتضي ذلك وورد التصريح بأفراد منه ونص عليه العلماء ففي صحيح مسلم يبعث كل عبد على ما مات عليه أخرجه من حديث جابر، وروى البيهقي في البعث من حديث فضالة ابن عبيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من مات على مرتبة من هذه المراتب بعث عليها يوم القيامة وعليه حمل العلماء ما رواه أبو داود من حديث أبي سعيد الخدري يبعث الميت في ثيابه الذي مات فيها أي في أعماله التي يموت فيها من خير أو شر‏.‏ وقد ثبت في الصحيح أن المجروح في سبيل الله يأتي يوم القيامة وجرحه يثعب دما وفيه أيضا أن الذي مات على إحرامه يبعث ملبيا وفي رواية ملبدا وقد روى الأصبهاني في الترغيب من طريق عباد بن كثير عن أبي الزبير عن جابر مرفوعا أن المؤذنين والملبين يخرجون من قبورهم يوم القيامة يؤذن المؤذن ويلبي الملبى وعباد ضعيف إلا أن للحديث شواهد منها الأحاديث الصحيحة المتقدم ذكرها وروى الأصبهاني أيضا من طريق أبي هدبة وهو واه عن أشعث الحداني عن أنس مرفوعا من فارق الدنيا وهو سكران دخل القبر سكران وبعث من قبره سكران - الحديث، وقال الغزالي في كشف علوم الآخرة من الناس من يحشر بفتنته الدنيوية فقوم مفتونون بالعود فعند قيامه من قبره يأخذ بيمينه فيطرحه فيعود إليه وكذلك يبعث السكران سكران والزامر زامرا وشارب الخمر والكوز معلق في عنقه وكل أحد على الحال الذي صده في الدنيا عن سبيل الله انتهى‏.‏ وفي هذا الكلام إشارة إلى تخصيص الحديث السابق بأن الحالة التي يأتي عليها في الآخرة مما كان عليه في الدنيا المراد بها حالة الطاعة والمعصية بخلاف المباحات فلا يأتي النجار مثلا بآلته والبناء ونحوها إلا أن يستعملوها فيما لا يجوز شرعا والله أعلم‏.‏

مسألة‏:‏

حديث أول ما يأكله أهل الجنة زيادة كبد الحوت هل هو صحيح‏؟‏

الجواب‏:‏

نعم رواه مسلم في صحيحه من حديث ثوبان‏.‏

مسألة‏:‏

في حديث الطبراني عن أم سلمة قالت قلت يا رسول الله أخبرني عن قول الله حور عين قال حور بيض ضخام العيون شفر الحوراء بمنزلة جناح النسر فأن الشيخ شمس الدين السخاوي استفتى عنه فأفتى وضبطه بخطه شقر بالقاف وضبط الحوراء بالرفع وقال هذه استعارة يعني أن الحوراء بمنزلة جناح النسر في السرعة والطيران والخفة وأحضرت إلى الفتوى التي كتب عليها بذلك فرأيت خطه بذلك‏.‏

الجواب‏:‏

هذا تصحيف للحديث وتبديل لمعناه إنما لفظ الحديث شفر الحوراء بالفاء مضافا إلى الحوراء والمراد به هدب العين والمقصود تشبيهه بجناح النسر في الطول المناسب ذلك لضخامة العيون وقد ورد التصريح بذلك في رواية ابن أبي الدنيا في صفة الجنة حيث قال شفر المرأة من الحور العين أطول من جناح النسر وما قاله من عنده في تفسير ما صحفه في غاية الركاكة كما لا يخفى‏.‏

مسألة‏:‏

هل ورد أن عدد درج الجنة بعدد آي القرآن‏.‏

الجواب‏:‏

نعم قال البيهقي في شعب الإيمان أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ثنا أبو الحسين الخياط ثنا أبو عبد الله محمد بن روح ثنا الحكم بن موسى ثنا شعيب بن إسحاق عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عدد درج الجنة عدد آى القرآن فمن دخل الجنة من أهل القرآن فليس فوقه درجة قال الحاكم إسناد صحيح ولم يكتب المتن إلا به وهو من الشواذ وروى الديلمي في مسند الفردوس من طريق الفيض بن وثيق عن فرات بن سلمان عن ميمون بن مهران عن عبد الله بن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم درج الجنة على قدر آي القرآن بكل آية درجة فتلك ستة آلاف آية ومائتا آية وست عشرة آية بين كل درجتين مقدار ما بين السماء والأرض‏.‏ الفيض قال فيه ابن معين كذاب خبيث‏.‏

رفع الصوت بذبح الموت

مسألة‏:‏

في الحديث إذا دخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار يؤتى بالموت في صورة كبش أملح فيوقف بين الجنة والنار ويقال للفريقين أتعرفون هذا فيقولون نعم هو الموت فيذبح - إلى آخره، ولا يخفى أن الموت عرض وهو لا يقبل الانتقال ولا بد له من محل لعدم قيامه بنفسه ولا يتألف ولا يتجسد ولا يتصور بصورة الجسم وكيف يعرفه الفريقان ولم يشاهداه بهذه الصفة قبل ذلك وما النكتة في فرح أهل الجنة بذبحه مع علمهم بأنه لا موت في الجنة ولا خروج بعد دخولها لما تقدم لهم من أخبار أنبيائهم وتلاوة كتبهم‏.‏

الجواب‏:‏

اشتمل هذا الكلام على ثلاثة أسئلة فأما الأول فإنه إشكال قديم له في الوجود أكثر من أربعمائة سنة قال القاضي أبو بكر بن العربي استشكل هذا الحديث لكونه يخالف صريح العقل لأن الموت عرض والعرض لا ينقلب جسما فكيف يذبح فأنكرت طائفة صحة الحديث ودفعته وتأولته طائفة فقالوا هذا تمثيل ولا ذبح هناك حقيقة وقال المازري الموت عندنا عرض من الأعراض وعند المعتزلة عدم محض وعلى المذهبين لا يصح أن يكون كبشا ولا جسما والمراد بهذا التمثيل والتشبيه قال وقد يخلق الله تعالى هذا الجسم ثم يذبح ثم يجعل مثالا لأن الموت لا يطرأ على أهل الجنة ونقله النووي في شرح مسلم واقتصر عليه، وقال القرطبي في التذكرة الموت معنى والمعاني لا تنقلب جوهرا وإنما يخلق الله أشخاصا من ثواب الأعمال وكذا الموت يخلق الله كبشا يسميه الموت ويلقى في قلوب الفريقين إن هذا الموت يكون ذبحه دليلا على الخلود في الدارين وقال غيره لا مانع أن ينشئ الله تعالى من الأعراض أجسادا يجعلها مادة لها كما ثبت في صحيح مسلم في حديث إن البقرة وآل عمران يجيئان كأنهما غمامتان ونحو ذلك من الأحاديث، وقد تلخص مما سقناه من كلام العلماء أربعة أجوبة وبقى خامس لم أحب ذكره‏.‏ وأما السؤال الثاني وهو كيف يعرفه الفريقان ولم يشاهداه فجوابه يؤخذ من قول القرطبي ويلقى في قلوب الفريقين إلى آخره وحاصله أن الله تعالى يلقى في قلوبهم معرفة ذلك‏.‏ وجواب ثان وهو أن الكلبي ومقاتلا ذكرا في تفسيرهما في قوله تعالى ‏(‏الذي خلق الموت والحياة‏)‏ أن الله تعالى خلق الموت في صورة كبش لا يمر على أحد إلا مات وخلق الحياة في صورة فرس لا تمر على شيء إلا حيى وهذا يدل على أن الميت يشاهد حلول الموت به في صورة كبش فلا إشكال حينئذ‏.‏ وأما السؤال الثالث فهو قديم أيضا وجوابه أنه ورد في بعض طرق الحديث عند ابن حبان أنهم يطلعون خائفين أن يخرجوا من مكانهم الذي هم فيه وفسر بأنه خوف توهم أنه لا يستقر ولا ينافي ذلك تقدم علمهم بأنه لا موت في الآخرة لأن التوهمات تطرأ على المعلومات ثم لا تستقر فكان فرحهم بإزالة التوهم‏.‏ وجواب ثان وهو أن عين اليقين أقوى من علم اليقين فمشاهدتهم ذبح الموت أقوى وأشد في انتفائه من تقدم علمهم إذ العيان أقوى من الخبر والله أعلم‏.‏

مسألة‏:‏

ثعلبة الذي روي أنه نزل فيه قوله تعالى ‏(‏ومنهم من عاهد الله‏)‏ الآيات ذكر البارودي وابن السكن وابن شاهين وغيرهم أنه ثعلبة بن حاطب أحد من شهد بدرا قال الحافظ ابن حجر في الإصابة ولا أظن الخبر يصح وإن صح ففي كونه هو البدري نظر وقد ذكر ابن الكلبي أن ثعلبة بن حاطب الذي شهد بدرا قتل بأحد فتأكدت المغايرة بينهما فإن صاحب القصة تأخر في خلافة عثمان قال ويقوى ذلك أن في تفسير ابن مردويه‏:‏ ثعلبة بن أبي حاطب والبدري اتفقوا على أنه ثعلبة بن حاطب وقد ثبت أنه صلى الله عليه وسلم قال لا يدخل النار أحد شهد بدرا والحديبية، وحكى عن ربه أنه قال لأهل بدر اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم فمن يكون بهذه المثابة كيف يعقبه الله نفاقا في قلبه وينزل فيه ما ينزل فالظاهر أنه غيره‏.‏ انتهى‏.‏ ونظير هذا ما روى في سبب نزول قوله تعالى ‏(‏وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله‏)‏ الآية أن طلحة بن عبيد الله قال يتزوج محمد بنات عمنا ويحجبهن عنا لئن مات لأتزوجن عائشة من بعده فنزلت‏.‏ وقد كنت في وقفة شديدة من صحة هذا الخبر لأن طلحة أحد العشرة أجل مقاما من أن يصدر منه ذلك حتى رأيت بعد ذلك أنه رجل آخر شاركه في اسمه واسم أبيه ونسبه فإن طلحة المشهور الذي هو أحد العشرة طلحة بن عبيد الله بن عثمان بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم التيمي وطلحة صاحب القصة طلحة بن عبيد الله بن مسافع بن عياض بن صخر بن عامر بن كعب بن سعد بن تيم التيمي قال أبو موسى في الذيل عن ابن شاهين في ترجمته هو الذي نزل فيه ‏(‏وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله‏)‏ الآية وذلك أنه قال لئن مات رسول الله لأتزوجن عائشة وقال إن جماعة من المفسرين غلطوا وظنوا أنه طلحة أحد العشرة‏.‏

مسألة‏:‏

أبو ثعلبة الخشني ما اسمه وما اسم أبيه‏.‏

الجواب‏:‏

اسمه جرهم بضم الجيم والهاء قاله أحمد بن حنبل ويحيى بن معين وآخرون وقيل جرثوم بضم الجيم والمثلثة وقيل جرثومة وقيل عمرو وقيل لا شم بكسر الشين المعجمة واسم أبيه ناشم بالنون والشين المعجمة جزم بذلك النووي في شرح المهذب وقيل ناشب وقيل ناشر وقيل ناشح‏.‏

مسألة‏:‏

أبو عبيدة بن الجراح هل له عقب‏.‏

الجواب‏:‏

لم يعقب شيئا بل كان له ولدان زيد وعمير ماتا صغيرين وليس له عقب صرح بذلك ابن سعد في الطبقات ونقله عنه الحافظ جمال الدين المزي في التهذيب‏.‏

مسألة‏:‏

فيما رواه بعض أهل هذا الزمان لشخص من أكابر الأعيان إن بينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم في الرواية ستة أنفس وذلك أن شيخه أخبره أنه روى عن شخص من أصحاب سيدي يوسف عن شيخه النسر أي عن شيخه سيدي أبي العباس الملثم عن معمر الصحابي أن النبي صلى الله عليه وسلم رآه يوم الخندق وهو ينقل التراب بغلقين وبقية الصحابة ينقلون بغلق واحد فضرب بكفه الشريف بين كتفيه وقال له عمرك الله يا معمر فعاش بعد ذلك أربعمائة سنة ببركة الضربات التي ضربها بين كتفيه فإنها كانت أربع ضربات بعدد ككل ضربة مائة سنة وقال له بعد أن صافحه من صافحك إلى ست أو سبع لم تمسه النار، أروى ذلك أحد من الأئمة أم هو كذب وافتراء لا يجوز لأحد نقله لأحد من الناس فضلا عن أكابر الأمراء‏.‏

الجواب‏:‏

هذا الحديث رواه الشيخ صلاح الدين الطرابلسي مرة في مجلس الأمير تمراز وكنت حاضرا فقلت له هذا باطل ومعمر هذا كذاب دجال وأوردت له الحديث الصحيح الذي قاله النبي صلى الله عليه وسلم قبل وفاته بشهر أرأينكم ليلتكم هذه فإن على رأس مائة سنة لا يبقى ممن هو اليوم على ظهر الأرض أحد وقلت له أن أهل الحديث وغيرهم قالوا إن من ادعى الصحبة بعد مائة سنة من وفاته صلى الله عليه وسلم فهو كاذب وأن آخر الصحابة موتا أبو الطفيل مات سنة عشر ومائة من الهجرة فقال لي لابد من نقل في هذا بخصوصه فلما رجعت رأيت الميزان للذهبي فرأيته ذكر معمر ابن يزبك وأنه عمر مئين من السنين وروى عنه أحاديث خماسية باطلة وهي كذب واضح وقال إنه من نمط رتن الهندي فقبح الله من يكذب فأرسلت الميزان للشيخ صلاح الدين فرآه فشكر ودعا ثم بعد مدة أراني شخص ورقة فيها تحديث الشيخ صلاح الدين بهذا الحديث وإجازته إياه فكتبت فيها أن هذا الحديث كذب لا تحل روايته ولا التحديث به فليعلم كل مسلم أن معمرا هذا دجال كذاب وقصته هذه كذب وافتراء لا يحل لمسلم أن يحدث بها ولا يرويها ومن فعل ذلك دخل في قوله صلى الله عليه وسلم من كذب علي فليتبؤا مقعده من النار، ثم رأيت بعد ذلك فتيا قدمت للحافظ أبي الفضل بن حجر في معمر هذا فكتب عليها ما نصه لا يخلو طريق من طريق المعمر عن متوقف فيه حتى المعمر نفسه فإن من يدعى هذه الرتبة يتوقف على ثبوت العدالة وثبوت ذلك عقلا لا يفيد مع ورود الشرع بنفيه فإنه صلى الله عليه وسلم أخبر في الأحاديث الصحيحة بانخرام قرنه بعد مائة سنة من يوم مقالته المشهورة فمن ادعى الصحبة بعد ذلك لزم أن يكون مخالفا لظاهر الخبر، ثم رأيت فتيا أخرى دفعت له فكتب عليها ما نصه هذا الحديث لا أصل له والمعمر المذكور إما كذاب أو اختلقه كذاب وآخر الصحابة موتا مطلقا أبو الطفيل عامر بن واثلة الليثي ثبت ذلك في صحيح مسلم واتفق عليه العلماء واحتج البخاري بحديث أنه صلى الله عليه وسلم قال قبل موته بقليل أن على رأس مائة سنة من تلك الليلة لا يبقى على وجه الأرض ممن هو عليها أحد وأراد بذلك انخرام القرن فكل من ادعى الصحبة بعد أبي الطفيل فهو كاذب انتهى جواب الحافظ ابن حجر‏.‏

مسألة‏:‏

ما سن عائشة وفاطمة رضي الله عنهما وكم عاشت كل واحدة منهما بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم وأيهما أفضل‏.‏

الجواب‏:‏

أما عائشة رضي الله عنها فسنها بضع وستون فإن النبي صلى الله عليه وسلم تزوجها قبل الهجرة بسنتين وقيل بسنة ونصف وقيل بثلاث سنين ومات عنها وهي بنت ثماني عشرة سنة وماتت سنة سبع وخمسين وقيل سنة ثمان وخمسين‏.‏ وأما فاطمة رضي الله عنها فقال الذهبي الصحيح أن عمرها أربع وعشرون سنة وقيل إحدى وعشرون وقيل ست وعشرون وقيل سبع وعشرون وقيل ثمان وعشرون وقيل تسع وعشرون وقيل ثلاثون وقيل ثلاث وثلاثون وقيل خمس وثلاثون وعاشت بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ستة أشهر على الصحيح وقيل ثمانية أشهر وقيل ثلاثة أشهر وقيل شهران‏.‏ وأما أيهما أفضل فثلاثة مذاهب أصحها أن فاطمة رضي الله عنها أفضل‏.‏

مسألة‏:‏

قال ابن سعد في الطبقات أنا عفان بن مسلم ويحيى بن حماد وموسى ابن إسماعيل التبوذكي قال أنبأ أبو عوانة ثنا إسماعيل السدى قال سألت أنس بن مالك أصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على ابنه إبراهيم قال لا أدري رحمة الله على إبراهيم لو عاش لكان صديقا نبيا هذا إسناد صحيح على شرط مسلم، وقال ابن عساكر في تاريخه أنا أبو القاسم بن السمرقندي أنا أحمد بن أبي عثمان أنا إسماعيل بن الحسن ثنا أبو عبد الله الحسين بن إسماعيل ثنا أحمد بن محمد بن يحيى ابن سعيد ثنا عمرو بن محمد العنقزي ثنا أسباط بن نصر عن السدى قال سألت أنس بن مالك كم كان بلغ إبراهيم بن النبي صلى الله عليه وسلم قال قد كان قد ملأ مهده ولو بقي لكان نبيا ولكن لم يكن ليبقى لأن نبيكم آخر الأنبياء‏.‏ وقال ابن عساكر أنا أبو غالب أحمد بن الحسن بن البناء أنا أبو الحسين محمد بن أحمد بن الأبنوسي أنا أبو الطيب عثمان بن عمرو بن محمد بن المنتاب ثنا يحيى بن محمد بن صاعد ثنا الحسن المروزي أنا ابن مهدي ثنا سفيان عن السدى سمعت أنس بن مالك يقول لو عاش إبراهيم ابن النبي صلى الله عليه وسلم كان صديقا نبيا وقال البارودي في معرفة الصحابة ثنا محمد بن عثمان ابن محمد ثنا منجاب بن الحارث ثنا أبو عامر الأسدي ثنا سفيان عن السدى عن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو عاش إبراهيم لكان صديقا نبيا‏.‏ وقال الطبراني ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل حدثني أبي ثنا أبو أسامة ثنا إسماعيل ابن أبي خالد قال قلت لعبد الله بن أبي أوفى هل رأيت إبراهيم بن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال مات وهو صغير ولو قدر أن يكون نبي بعد محمد صلى الله عليه وسلم لعاش ابنه إبراهيم ولكنه لا نبي بعده‏.‏ وقال الطبراني أنا أسلم بن سهل الواسطي ثنا وهب ابن بقية ثنا محمد بن الحسين المدني عن إسماعيل بن أبي خالد قال قلت لعبد الله بن أبي أوفى هل رأيت إبراهيم بن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال توفي وهو صغير ولو قضى أن يكون بعد محمد صلى الله عليه وسلم نبي لعاش ولكنه لا نبي بعده أخرجه أبو يعلى ثنا زكريا بن يحيى الواسطي ثنا هشيم عن إسماعيل بن أبي خالد به‏.‏ وقال ابن مندة أنا أحمد بن محمد بن زياد ومحمد بن يعقوب قال ثنا أحمد بن عبد الجبار ثنا يونس بن بكير عن إبراهيم بن عثمان عن الحكم بن مقسم عن ابن عباس قال لما ولدت مارية القبطية لرسول الله صلى الله عليه وسلم إبراهيم ومات قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن له مرضعا في الجنة ولو بقي لكان صديقا نبيا‏.‏ وقال البيهقي أنا علي بن أحمد بن عبدان أنا أحمد بن عبيد الصفار ثنا محمد بن يونس ثنا سعيد بن أوس أبو زيد الأنصاري ثنا شعبة عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس قال لما مات ابراهيم بن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن له مرضعا في الجنة يتم رضاعه ولو عاش لكان صديقا نبيا‏.‏ وقال ابن عساكر أنا أبو محمد هبة الله بن سهل بن عمر السيدي الفقيه وأبو القاسم زاهر بن طاهر قال أنا أبو عثمان البحيري أنا أبو عمرو بن حمدان أنا أحمد بن محمد بن سعيد الحافظ ثنا عبيد بن إبراهيم الجعفي ثنا الحسن ابن أبي عبد الله الفراء ثنا مصعب بن سلام عن أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر محمد بن علي عن جابر بن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو عاش إبراهيم لكان نبيا‏.‏ وقال ابن عساكر أنا أبو القاسم زاهر بن طاهر الشحامي أنا أبو حامد أحمد بن الحسين أنا أبو محمد الحسن بن أحمد بن أحمد بن محمد أنا أبو محمد الحسن بن محمد بن الحسن بن محمد بن جابر ثنا إبراهيم بن الحسن الهمداني ثنا إسحاق بن محمد الفروي ثنا عيسى بن عبد الله عن أبيه عن جده عن أبي جده عن علي بن أبي طالب قال لما توفي إبراهيم بن النبي صلى الله عليه وسلم أرسل النبي صلى الله عليه وسلم إلى أمه مارية فجاء به فغسله وكفنه وخرج به وخرج الناس معه فدفنه وأدخل النبي صلى الله عليه وسلم يده في قبره فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أما والله إنه لنبي ابن نبي وبكى وبكى المسلمون حوله حتى ارتفع الصوت ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تدمع العين ويحزن القلب ولا نقول ما يغضب الرب وإنا عليك يا إبراهيم لمحزنون‏.‏ قال ابن عساكر‏:‏ عيسى هو ابن عبد الله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب ليس بالقوى‏.‏

‏(‏فصل‏)‏ قال النووي في تهذيب الأسماء واللغات‏:‏ وأما ما روى عن بعض المتقدمين لو عاش إبراهيم لكان نبيا فباطل وجسارة على الكلام على المغيبات ومجازفة وهجوم على عظيم قال الحافظ ابن حجر في الإصابة وهذا عجيب مع وروده عن ثلاثة من الصحابة ولا يظن بالصحابي أنه يهجم على مثل هذا بظنه والله أعلم‏.‏

‏(‏فصل‏)‏ روى أبو داود عن عائشة قالت مات إبراهيم بن النبي صلى الله عليه وسلم وهو ابن ثمانية عشر شهرا فلم يصل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ابن حزم خبر صحيح‏.‏ قال الزركشي في تخريج أحاديث الشرح اعتل من سلم ترك الصلاة عليه بعلل منها أنه استغنى بفضيلة أبيه عن الصلاة كما استغنى الشهيد بفضيلة الشهادة ومنها أنه لا يصلي نبي على نبي وقد جاء أنه لو عاش لكان نبيا‏.‏ ‏(‏فصل‏)‏ قال الشيخ تقي الدين في حديث ‏(‏كنت نبيا وآدم بين الروح والجسد‏)‏ فإن قلت النبوة وصف لا بد أن يكون الموصوف به موجودا وإنما يكون بعد بلوغ أربعين سنة أيضا فكيف يوصف به قبل وجوده وقبل إرساله‏.‏ قلت قد جاء أن الله تعالى خلق الأرواح قبل الأجساد فقد تكون الإشارة بقوله كنت نبيا إلى روحه الشريفة وإلى حقيقته والحقائق تقصر عقولنا عن معرفتها وإنما يعلمها خالقها ومن أمده بنور إلهي ثم إن تلك الحقائق يؤتي الله كل حقيقة منها ما يشاء في الوقت الذي يشاء فحقيقة النبي صلى الله عليه وسلم قد تكون من قبل خلق آدم آتاها الله ذلك الوصف بأن يكون خلقها متهيئة لذلك وأفاضه عليها من ذلك الوقت فصار نبيا انتهى‏.‏ ومن هذا يعرف تحقيق نبوة السيد إبراهيم في حال صغره وإن لم يبلغ سن الوحي‏.‏

مسألة‏:‏

من قاضي القضاة شيخ الشيوخ تاج الدين بن عربشان الحنفي المسؤول من تفضلات مولانا شيخ الإسلام أمتع الله بوجوده الأنام توضيح التحرير في ذكر أولاد البتول فإنه ذكر في مجلس عند بعض عظام الأمراء أن أولادها الحسن والحسين ومحسن فوقع من بعض الحاضرين توقف في محسن فنظم العبد ذلك في أبيات فأراد عرض ذلك على المسامع الكريمة أفاض الله عليها نعمه الجسيمة ليزول ما أشكل من الإبهام بقصد الاستفادة من الإمام فإن الاستفادة من المولى أحرى وأولى أمد الله على الإسلام والمسلمين من مديد فضلكم وأغدق من وافر بسيط طويلكم فإن بابكم العالي كعبة الإفادة رزقكم الله الحسنى وزيادة‏.‏

وأجبت وقفت على هذا الدر النظيم والعقد الذي حوى كل جوهر فرد عظيم فوجدت راقمه أعزه الله تعالى أبدع فيما رقم وأتى بالعجب العجاب فيما نثر ونظم وأصاب في ذكره المحسن صوب الصواب وأتى في تقريره بالحكمة وفصل الخطاب وكيف يتصور أو يمكن توجيه الأنكار لمحسن وقد ورد الحديث المسند والأثر عن سيد بني ربيعة ومضر أنه سمى أولاد فاطمة بالحسن والحسين ومحسن ونعم المحبر وقال سميتهم بأسماء ولد هرون شبر وشبير ومشبر، والمنكر لذلك حقه أن يضرب عنه صفحا حيث توقف وإن ثقل ومد عنقه متطلعا إلى مراتب العلماء فليخفف‏.‏

أخبرني زائر رشيد * عن مخبر جاءه يفيد

أن ابن خزيمة عراه * تغير قبل ما يبيد

وأنه جاءه بنقل * عن العراقي يستحيد

فقلت لا تنطقن بهذا * التبس الجد والحفيد

كلاهما في الأنام يدعى * محمدا واسمه حميد

والفرق ما بين ذين باد * ما عنه ذو يقظة يحيد

ذلك إسحاق ذو صحيح * له المعالي غدت تشيد

في رابع القرن عام إحدى * وعشرة قد قضى الفريد

ولم يشن قط باختلاط * بل وصفه كله سعيد

وابن ابنه الفضل ذو اختلاط * مدة عامين أو تزيد

ومات في القرن عام سبع * بعد ثمانين يا رشيد

نص على ذاك كل حبر * وعده الحافظ المجيد

اتحاف الفرقة برفو الخرقة

مسألة‏:‏

أنكر جماعة من الحفاظ سماع الحسن البصري من علي بن أبي طالب وتمسك بهذا بعض المتأخرين فخدش به في طريق لبس الخرقة وأثبته جماعة وهو الراجح عندي لوجوه، وقد رجحه أيضا الحافظ ضياء الدين المقدسي في المختارة فإنه قال الحسن بن أبي الحسن البصري عن علي وقيل لم يسمع منه، وتبعه على هذه العبارة الحافظ ابن حجر في أطراف المختارة‏.‏ الوجه الأول‏:‏ إن العلماء ذكروا في الأصول في وجوه الترجيح أن المثبت مقدم على النافي لأن معه زيادة علم الثاني‏:‏ إن الحسن ولد لسنتين بقيتا من خلافة عمر باتفاق وكانت أمه خيرة مولاة أم سلمة رضي الله عنها فكانت أم سلمة تخرجه إلى الصحابة يباركون عليه وأخرجته إلى عمر فدعا له اللهم فقهه في الدين وحببه إلى الناس ذكره الحافظ جمال الدين المزي في التهذيب وأخرجه العسكري في كتاب المواعظ بسنده وذكر المزي أنه حضر يوم الدار وله أربع عشرة سنة ومن المعلوم أنه من حين بلغ سبع سنين أمر بالصلاة فكان يحضر الجماعة ويصلي خلف عثمان إلى أن قتل عثمان وعلي إذ ذاك بالمدينة فإنه لم يخرج منها إلى الكوفة إلا بعد قتل عثمان فكيف يستنكر سماعه منه وهو كل يوم يجتمع به في المسجد خمس مرات من حين ميز إلى أن بلغ أربع عشرة سنة وزيادة على ذلك إن عليا كان يزور أمهات المؤمنين ومنهن أم سلمة والحسن في بيتها هو وأمه‏.‏ الوجه الثالث‏:‏ إنه ورد عن الحسن ما يدل على سماعه منه أورد المزي في التهذيب من طريق أبي نعيم قال ثنا ابو القاسم عبد الرحمن بن العباس بن عبد الرحمن بن زكريا ثنا أبو حنيفة محمد بن صفه الواسطي ثنا محمد بن موسى الجرشي ثنا ثمامة ابن عبيدة ثنا عطية بن محارب عن يونس بن عبيد قال سألت الحسن قلت يا أبا سعيد إنك تقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنك لم تدركه قال يا ابن أخي لقد سألتني عن شيء ما سألني عنه أحد قبلك ولولا منزلتك مني ما أخبرتك أني في زمان كما ترى وكان في عمل الحجاج كل شيء سمعتني أقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو عن علي ابن أبي طالب غير أني في زمان لا أستطيع أن أذكر عليا‏.‏

ذكر ما وقع لنا من رواية الحسن عن علي

قال أحمد في مسند ثنا هشيم أنا يونس عن الحسن عن علي قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ‏"‏رفع القلم عن ثلاثة عن الصغير حتى يبلغ وعن النائم حتى يستيقظ وعن المصاب حتى يكشف عنه‏"‏ أخرجه الترمذي وحسنه والنسائي والحاكم وصححه والضياء المقدسي في المختارة قال الحافظ زين الدين العراقي في شرح الترمذي عند الكلام على هذا الحديث قال علي بن المديني الحسن رأى عليا بالمدينة وهو غلام وقال أبو زرعة كان الحسن البصري يوم بويع لعلي بن أربع عشرة سنة ورأى عليا بالمدينة ثم خرج إلى الكوفة والبصرة ولم يلقه الحسن بعد ذلك وقال الحسن رأيت الزبير يبايع عليا انتهى‏.‏ قلت وفي هذا القدر كفاية ويحمل قول النافي على ما بعد خروج علي من المدينة وقال النسائي ثنا الحسن بن أحمد بن حبيب ثنا شاد بن فياض عن عمر بن إبراهيم عن قتادة عن الحسن عن علي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أفطر الحاجم والمحجوم‏.‏ وقال الطحاوي ثنا نصر بن مرزوق ثنا الخطيب ثنا حماد بن سلمة عن قتادة عن الحسن عن علي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان في الرهن فضل فأصابته جائحة فهو بما فيه - الحديث، وقال الدار قطني ثنا أحمد بن محمد بن عبد الله بن زياد القطان ثنا الحسن بن شبيب المعمري قال سمعت محمد بن صدران السلمي ثناء عبد الله بن ميمون المزني ثنا عوف عن الحسن عن علي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعلي يا علي قد جعلنا إليك هذه السبعة بين الناس - الحديث‏.‏ وقال الدار قطنى ثنا علي بن عبد الله بن مبشر ثنا أحمد بن سنان ثنا يزيد بن هرون أنا حميد الطويل عن الحسن قال قال على أن وسع الله عليكم فاجعلوه صاعا من بر وغيره يعني زكاة الفطر‏.‏ وقال الدار قطني ثنا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز ثنا داود بن رشيد ثنا أبو حفص الآبار عن عطاء بن السائب عن الحسن عن علي قال الخلية والبرية والبتة والبائن والحرام ثلاث لا تحل له حتى تنكح زوجا غيره‏.‏ وقال الطحاوي ثنا ابن مرزوق ثنا عمرو بن أبي رزين ثنا هشام بن حسان عن الحسن عن علي قال ليس في مس الذكر وضوء، وقال أبو نعيم في الحلية ثنا عبد الله بن محمد ثنا أبو يحيى الرازي ثنا هناد ثنا ابن فضيل عن ليث عن الحسن عن علي رضي الله عنه قال طوبى لكل عبد ثومه عرف الناس ولم يعرفه الناس عرفه الله تعالى برضوان أولئك مصابيح الهدى يكشف الله عنهم كل فتنة مظلمة سيدخلهم الله في رحمة منه ليس أولئك بالمزابيع البذر ولا الجفاة المرائين‏.‏ وقال الخطيب في تاريخه أنا الحسن بن أبي بكر أنا أبو سهل أحمد بن محمد بن عبد الله بن زياد القطان ثنا محمد بن غالب ثنا يحيى بن عمران ثنا سليمان بن أرقم عن الحسن عن علي قال كفنت النبي صلى الله عليه وسلم في قميص أبيض وثوبي حبرة، وقال جعفر بن محمد بن محمد في كتاب العروس ثنا وكيع عن الربيع عن الحسن عن علي بن أبي طالب رفعه من قال في كل يوم ثلاث مرات صلوات الله على آدم غفر الله له الذنوب وإن كانت أكثر من زبد البحر أخرجه الديلمي في مسند الفردوس من طريقه ثم رأيت الحافظ ابن حجر قال في تهذيب التهذيب قال يحيى بن معين لم يسمع الحسن من علي بن أبي طالب قيل ألم يسمع من عثمان قال يقولون عنه رأيت عثمان قام خطيبا وقال غير واحد لم يسمع من علي وقد روى عنه غير حديث وكان علي لما خرج بعد قتل عثمان كان الحسن بالمدينة ثم قدم البصرة فسكنها إلى أن مات قال الحافظ ابن حجر ووقع في مسند أبي يعلي قال ثنا جويرية بن أشرس أنا عقبة بن أبي الصهباء الباهلي قال سمعت الحسن يقول سمعت عليا يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل أمتي مثل المطر - الحديث، قال محمد بن الحسن بن الصيرفي شيخ شيوخنا هذا نص صريح في سماع الحسن من علي ورجاله ثقات جويرية وثقة ابن حبان وعقبة وثقه أحمد وابن معين‏.‏

مسألة‏:‏

ذكر بعضهم أن النبي صلى الله عليه وسلم لبس عمامة صفراء فهل لذلك أصل‏.‏

الجواب‏:‏

نعم قال الطبراني ثنا محمد بن الحسين الأنماطي البغدادي ثنا مصعب ابن عبد الله بن مصعب الزبيري حدثني أبي عن إسماعيل بن عبد الله بن جعفر عن أبيه قال رأيت على رسول الله صلى الله عليه وسلم ثوبين مصبوغين بزعفران رداء وعمامة، أخرجه الحاكم في المستدرك، وقال ابن سعد في الطبقات أنا الفضل بن دكين عن هشام بن سعد عن يحيى بن عبد الله بن مالك قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصبغ ثيابه بالزعفران قميصه ورداءه وعمامته، وقال أنا هاشم بن القاسم ثنا عاصم بن عمر عن عمر بن محمد عن زيد بن أسلم قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصبغ ثيابه كلها بالزعفران حتى العمامة‏.‏ وأخرج ابن عساكر في تاريخه من طريق سلمان بن أرقم عن الزهري عن سعيد ابن المسيب عن أبي هريرة قال خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه قميص أصفر ورداء أصفر وعمامة صفراء‏.‏ وأخرج ابن سعد عن ابن عمر قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يصفر ثيابه‏.‏ وفي الصحيح من حديثه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصبغ بالصفرة‏.‏ وقال الطبراني ثنا أسلم بن سهل ثنا محمد بن الصباح ثنا عبيد بن القاسم عن إسماعيل ابن أبي خالد عن ابن أبي أوفى قال كان أحب الصبغ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصفرة‏.‏ وأخرج ابن عساكر من طريق عباد بن حمزة عن عبد الله بن الزبير أنه بلغه أن الملائكة نزلت يوم بدر عليهم عمائم صفر وكانت على الزبير يومئذ عمامة صفراء فقال النبي صلى الله عليه وسلم نزلت الملائكة اليوم على سيما أبي عبد الله وجاء النبي صلى الله عليه وسلم وعليه عمامة صفراء وفي ذلك يقول عامر بن صالح بن عبد الله بن عروة بن الزبير‏:‏

جدي ابن عمة أحمد ووزيره * عند البلاء وفارس الشعواء

وغدة بدر كان أول فارس * شهد الوغى في اللامة الصفراء

نزلت بسيماه الملائك نصرة * بالحوض يوم تألب الأعداء

‏(‏في عدد أبواب الجنة‏)‏ أخرج البخاري عن سهل بن سعد قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجنة ثمانية أبواب فيها باب يسمى الريان لا يدخله إلا الصائمون‏.‏ وأخرج مسلم وأبو داود والنسائي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ما منكم من أحد يتوضأ فيبلغ الوضوء ثم يقول حين يفرغ من وضوئه أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء‏.‏ وأخرج الترمذي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من توضأ فأحسن الوضوء ثم قال أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين فتحت له ثمانية أبواب الجنة يدخل من أيها شاء‏.‏ وأخرج النسائي وابن ماجه والحاكم عن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من توضأ فأحسن الوضوء ثم رفع بصره إلى السماء فقال أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله فتحت له ثمانية أبواب الجنة يدخل من أيها شاء‏.‏ وأخرج أحمد والطبراني من حديث عقبة بن عامر مثله‏.‏ وأخرج أحمد وابن ماجه وابن السني في عمل يوم وليلة عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من توضأ فأحسن الوضوء ثم قال ثلاث مرات أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله فتح له من الجنة ثمانية أبواب من أيها شاء دخل‏.‏ واخرج الطبراني من حديث ثوبان مثله‏.‏ وأخرج ابن السني عن ثوبان قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من توضأ فأسبغ الوضوء ثم قال عند فراغه أشهد أن لا إله إلا الله واشهد أن محمدا عبده ورسوله اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين فتح الله له ثمانية أبواب الجنة يدخل من أيها شاء‏.‏ وأخرج الخطيب في تاريخه عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وسلم من توضأ للصلاة وأسبغ الوضوء ورفع رأسه إلى السماء فقال أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له فتح له ثمانية أبواب الجنة وقيل له أدخل من أي باب شئت‏.‏ وأخرج محمد بن نصر في كتاب الصلاة عن أبي هريرة وأبي سعيد قالا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم والذي نفسي بيده ما من عبد يصلي الصلوات الخمس ويصوم رمضان ويخرج الزكاة ويجتنب الكبائر السبع إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية يوم القيامة حتى أنها لتصطفق‏.‏ وأخرج ابن أبي الدنيا في صفة الجنة وأبو يعلي والطبراني والحاكم عن ابن مسعود قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للجنة ثمانية أبواب سبعة مغلقة وباب مفتوح للتوبة حتى تطلع الشمس من نحوه‏.‏ وأخرج أحمد وابن ماجه والطبراني والبيهقي في البعث عن عقبة بن عبد السلمي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من مسلم يموت له ثلاثة من الولد لم يبلغوا الحنث إلا تلقوه من أبواب الجنة الثمانية من أيها شاء دخل‏.‏ وأخرج الطبراني في الأوسط عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من كان له بنتان أو اختان أو عمتان أو خالتان وعالهن فتحت له ثمانية أبواب الجنة‏.‏ وأخرج الطبراني في الأوسط عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من كان له بنتان، عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أيما امرأة اتقت ربها وحفظت فرجها وأطاعت زوجها فتح لها ثمانية أبواب الجنة فقيل لها أدخلي من حيث شئت‏.‏ وأخرج ابن أبي حاتم في تفسيره عن ابن عباس قال للجنة ثمانية أبواب باب للمصلين وباب للصائمين وباب للحاجين وباب للمعتمرين وباب للمجاهدين وباب للذاكرين وباب للصابرين وباب للشاكرين‏.‏ وأخرج أحمد والطبراني وابو نعيم في الحلية والبيهقي في سننه عن عقبة بن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم القتلى ثلاثة فذكر الحديث إلى أن قال وادخل من أي أبواب الجنة شاء فإن لها ثمانية أبواب ولجهنم سبعة أبواب وبعضها أفضل من بعض‏.‏ وأخرج إسحاق بن راهويه في مسنده عن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من مات يؤمن بالله واليوم الآخر قيل له ادخل من أي أبواب الجنة الثمانية شئت‏.‏ واخرج المستغفري في الدعوات وحسنه عن البراء بن عازب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من عبد يقول حين يتوضأ بسم الله ثم يقول لكل عضو أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ثم يقول حين يفرغ اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين إلا فتحت له ثمانية أبواب الجنة يدخل من أي شاء‏.‏ وأخرج الحاكم في تاريخه عن أنس قال مات ابن لعثمان ابن مظعون فحزن عليه حزنا شديدا فقال له النبي صلى الله عليه وسلم يا عثمان أما ترضى بأن للجنة ثمانية أبواب وللنار سبعة وأنت لا تنتهي إلى باب من أبواب الجنة إلا وجدت ابنك قائما عنده آخذا بحجرتك يشفع لك عند ربك قال بلى قال المسلمون يا رسول الله ولنا في فرطنا مثل ما لعثمان قال نعم لمن صبر واحتسب‏.‏

مسألة‏:‏

فيما هو جار على ألسنة العامة وفي المدائح النبوية أن النبي صلى الله عليه وسلم لان له الصخر وأثرت قدمه فيه وأنه كان إذا مشى على التراب لا تؤثر قدمه فيه هل له أصل في كتب الحديث أولا وهل إذا ورد فيه شيء من خرجه وصحيح هو أو ضعيف وهل ما ذكره الحافظ شمس الدين بن ناصر الدين الدمشقي في معراجه الذي ألفه مسجعا ولفظه ثم توجه نحو صخرة بيت المقدس وعماها فصعد من جهة الشرق أعلاها فاضطربت تحت قدم نبينا ولانت فأمسكتها الملائكة لما تحركت ومالت ألهذا أيضا أصل في كتب الحديث صحيح أو ضعيف أو لا وهل هذا الأثر الموجود الآن بصخرة بيت المقدس المعروف هناك بقدم النبي صلى الله عليه وسلم صحيح أو لا وهل ورد في كتب الحديث أن سيدنا إبراهيم على نبينا وعليه أفضل الصلاة والسلام أثرت قدماه في الحجر الذي كان يبنى عليه البيت الذي هو الآن بالمسجد الحرام بالمكان المعروف بمقام إبراهيم هل هو صحيح أو ضعيف أو ليس له أصل وهل ما قاله بعضهم أنه لم يعط نبي معجزة إلا حصل لنبينا صلى الله عليه وسلم مثلها أو لأحد من أمته صحيح ذلك أو لا ومن هو قائل ذلك وهل صح أن النبي صلى الله عليه وسلم لما جاء إلى بيت أبي بكر الصديق بمكة ووقف ينتظره ألزق منكبه ومرفقه بالحائط فغاص المرفق في الحجر وأثر فيه وبه سمي الزقاق بمكة زقاق المرفق أو ليس لذلك أصل وهل ما ذكره الثعلبي والطرطوشي في تفسيريهما أن النبي صلى الله عليه وسلم لما حفر الخندق وظهرت الصخرة وعجزت الصحابة عن كسرها نزل صلى الله عليه وسلم إلى الخندق وضربها ثلاث ضربات وأنها لانت له وتفتت صحيح ذلك أو ضعيف أو ليس له أصل معتمد وهل إذا ثبت أن الصخر لان له صلى الله عليه وسلم وأثرت قدمه فيه يكون ذلك معجزة له صلى الله عليه وسلم أو لا‏.‏

الجواب‏:‏

أما حديث الصخرة التي ظهرت في الخندق وعجز الصحابة عن كسرها وضربها ثلاث ضربات فكسرها فإنه صحيح ورد من طرق بألفاظ متعددة فأخرجه البيهقي وأبو نعيم معا في دلائل النبوة من حديث عمرو بن عوف المزني ومن حديث سلمان الفارسي ومن حديث البراء بن عازب وأصله في الصحيح من حديث جابر قال إنا يوم الخندق نحفر فعرضت كدية شديدة فجاءوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا هذه كدية عرضت في الخندق فأخذ المعول فضرب فعاد كثيبا أهيل‏.‏ وأما قوله هل ورد في كتب الحديث أن سيدنا إبراهيم على نبينا وعليه أفضل الصلاة والسلام أثرت قدماه في الحجر الذي كان يبنى عليه البيت وهو المقام فنعم ورد ذلك أخرجه الازرقي في تاريخ مكة من طريق أبي سعيد الخدري عن عبد الله بن سلام رضي الله عنهما موقوفا عليه بسند صحيح، وأخرجه عبد بن حميد في تفسيره عن قتادة، وأخرجه أيضا عن عكرمة، وبقية ما ذكر في الأسئلة لم أقف له على أصل ولا سند ولا رأيت من خرجه في شيء من كتب الحديث‏.‏

شرط البخاري الإمام ومسلم * فيما حكاه جماعة متوافره

تخريج ما يرويه عن خير الورى * اثنان من اصحابه المتكاثرة

وعليه أورد إنما الأعمال من * في الحفظ رتبته لديهم قاصره

فاجابه القاضي أبو بكر هو العربي في شرح البخاري ناصره

أن رواة أبي سعيد فانتفى إلا * يراد وارتفعت حلاه الفاخرة

وسواه زاد أبا هريرة فيه مع * أنس فصارت اربعا متظافرة

وجماعة قالوا بأبلغ منه فإن * يدرجنه في زمرة المتواترة

فعن ابن مندة قد رواه ثمان عشرة من صحاب كالنجوم الزاهرة

يا من يروم الخوض في ذا الفن لا * تقدم عليه بهمة متقاصره

لا يصلح الإقدام فيما رمته * حتى تلجج في البحار الزاخرة

مسألة‏:‏

ذكر ذاكر أن أكثر قراءة النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة كانت بقراءة نافع وهذا شيء لا أصل له البتة بل كان يقرأ بجميع الأحرف المنزلة عليه وكيف ينسب إلى النبي صلى الله عليه وسلم أمر لم يروه عنه أحد من الصحابة ولا خرجه أحد من أئمة الحديث في كتبهم لا بإسناد صحيح ولا بإسناد غير صحيح ثم أن هذا أمر لا يعرف لا من جهة الصحابة الذين سمعوا قراءته والذي روى عنهم أنهم قالوا قرأ بسورة كذا ولم يقولوا في روايتهم قرأ السورة الفلانية بلفظ كذا ولفظ كذا حتى تطابق تلك الألفاظ فتوجد موافقة لقراءة نافع ولو ثبت هذا الكلام عند الإمام مالك رضي الله عنه لكان أول قائل بقراءة البسملة في الصلاة لأن البسملة ثابتة في قراءة قالون عن نافع ولم يثبت عند مالك أنه صلى الله عليه وسلم قرأ البسملة في الصلاة فهذا يدل على أنه لم يثبت عنده أنه كان أكثر قراءته بقراءة نافع وما كل حديث وجد مقطوعا بغير سند في كتاب يجوز الاعتماد عليه حتى يثبت تخريجه في كتاب حافظ بسند متصل صحيح وكم في الكتب من أحاديث لا أصل لها ثم تبين أن هذا النقل لا وجود له وأن الذي نقله القرافي في الذخيرة أنه تستحب القراءة بتسهيل الهمزة لأن ذلك لغة النبي صلى الله عليه وسلم وهذا كلام في غاية الحسن لا غبار عليه لأن العلماء أجمعوا على أن لغة النبي صلى الله عليه وسلم لغة قريش ولغة قريش عدم تحقيق الهمز فيكون ذلك لغة النبي صلى الله عليه وسلم صحيح ولكن ليس فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان أكثر قراءته في الصلاة بقراءة نافع ولا روى هذا أحد من الصحابة البتة ولا خرجه أحد من أئمة الحديث بل ولا في هذا دلالة على أنه كان أكثر قراءته بتسهيل الهمزة أكثر ما فيه أنه دل على أن ذلك لغته من غير قدر زائد على ذلك وقد كان صلى الله عليه وسلم يقرأ بجميع ما أنزل عليه بتسهيل الهمز الذي هو لغته وبتحقيق الهمز الذي لغة غير قريش وبترك الأمالة الذي هو لغة الحجاز وبالأمالة التي هي لغة تميم وذكر الأكثرية تحتاج إلى نصر من الصحابة مخرج في كتاب معتبر بإسناد متصل صحيح ولا وجود لذلك البتة وذكر أن القراءة بالترقيق في الصلاة مكروهة لأنها تذهب الخشوع وليس كذلك لأن المكروه ما ورد فيه نهى خاص ولم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك نهي وقوله إنها تذهب الخشوع ممنوع لأنه إن كان ذلك من جهة الفكر في أداء تلك الهيئة فجميع هيئات الأداء كذلك والفكر في أداء ألفاظ القرآن على الهيئة التي أنزل عليها لا ينافي الخشوع لأنه من أمور العبادة والدين وإنما ينافي الخشوع الفكر في الأمور الدنيوية لا الدينية ولا الآخروية نصوا عليه ثم إن المكروه عند الأصوليين من قسم القبيح كما أن المندوب عندهم من قسم الحسن ولا يوصف شيء من القرآن بالقبح فإن قال قائل قد ذهب جماعة إلى أن بعض القرآن أفضل من بعض قلنا مع اتفاقهم على أن الكل يقرأ ولا يقول أحد بأن غير الأفضل تكره قرائته هذا لا يتوهمه أحد ثم إن قراءة القرآن بالأحرف الثابتة في السبعة فرض كفاية بالإجماع فكيف يتخيل أن يوصف ما هو فرض كفاية بأنه مكروه ثم تبين أن هذا النقل لا وجود له وأن الذي نقله القرافي في الذخيرة وكره مالك الترقيق والتفخيم والروم والأشمام في الصلاة لأنها تشغل عن أحكام الصلاة وليس المراد بهذه الكراهة التي هي أقسام الأحكام الخمسة التي يصفها الأصوليون بأنها داخلة في قسم القبيح كالحرام بل الكلام في كلام الأئمة المجتهدين كمالك والشافعي لها إطلاقان أحدهما هذا ويعبر عنها بالكراهة الشرعية والآخر بمعنى أن المجتهد أحب واختار أن لا يفعل ذلك من غير إدخاله في قسم المكروه الذي هو من نوع القبيح ويعبر عن هذه بالكراهة الإرشادية وهذه الكراهة لا ثواب في تركها ولا قبح في فعلها وقد ذكر أصحابنا ذلك في قول الشافعي وأنا أكره المشمس من جهة الطب فاختلفوا هل هذه الكراهة شرعية يثاب فيها أو إرشادية لا ثواب فيها على وجهين وقال الشافعي وأنا أكره الإمامة لأنه ولاية وأنا أكره سائر الولايات فليس مراد الشافعي بذلك الكراهة التي هي أحد أقسام الحكم الخمسة الداخلة في قسم القبيح كيف والإمامة فرض كفاية لأن بها تنعقد الجماعة التي هي فرض كفاية والرافعي يقول إنها أفضل من الأذان وفي كل منهما فضل وذلك مناف للكراهة قطعا وإنما مراد الشافعي أنه لا يحب الدخول فيها ولا يختاره للمعنى الذي ذكره فهي كراهة إرشادية لا شرعية فلو فعلها لم يوصف فعله بقبح بل هو آت بعبادة فيها فضل إجماعا إما فضل يزيد على فضل الآذان كما هو رأي الرافعي أو ينقص عنه كما هو رأي النووي ولو كانت الإمامة مكروهة كراهة شرعية لم يكن فيها فضل البتة لأن الكراهة والثواب لا يجتمعان وكذلك قول القرافي وكره مالك ما ذكر معناه أنه أحب وأختار أن لا يفعل ذلك للمعنى الذي ذكره فهو أمر إرشادي وليس مراده الكراهة التي يدخل متعلقها في قسم القبيح معاذ الله هذا لا يظن بمن هو دون مالك بكثير فضلا عن هذا الإمام الجليل إمام دار الهجرة وإمام أهل المشرق والمغرب رضي الله عنه وعنا به‏.‏

بلوغ المأمول في خدمة الرسول صلى الله عليه وسلم

مسألة‏:‏

حديث من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به ورد من حديث ابن عباس وأبي هريرة وجابر فأما حديث ابن عباس فأخرجه عبد الرزاق في المصنف وأحمد في مسنده وابن جرير في تهذيب الآثار وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وابن أبي الدنيا في ذم الملاهي وأبو يعلي والعدني في مسنديهما وعبد بن حميد وابن الجارود في المنتقى والدار قطنى في سننه والطبراني والحاكم في المستدرك وصححه والبيهقي في سننه والضياء المقدسي في المختارة وقد صححه جمع من الأئمة الحفاظ الحاكم كما ذكرناه وابن الجارود وحيث أخرجه في المنتقى فإنه التزم فيه الصحيح والضياء حيث أخرجه في المختارة فإنه التزم فيها الصحيح الزائد على الصحيحين وقالوا أن صحيحها أقوى من صحيح المستدرك وصححه أيضا ابن الطلاع في أحكامه نقله عنه الحافظ ابن حجر في تخريج أحاديث الرافعي ولما حكى الحافظ أبو الفضل العراقي في شرح الترمذي أن الحاكم صححه أقره وأورد له عدة طرق تقوية لإسناده وأما حديث أبي هريرة فأخرجه ابن ماجه والبزار وابن جرير والحاكم وصححه أيضا ابن الطلاع لكن تعقب الحافظ ابن حجر تصحيح ابن الطلاع له فقال حديث أبي هريرة لم يصح‏.‏ قلت لكن صحح حديث أبي هريرة وابن عباس معا ابن جرير في تهذيب الآثار ولعله الذي حمل الحاكم على تصحيح حديث أبي هريرة وإنما ثبت حديث ابن عباس وتعقب الذهبي تصحيح الحاكم لحديث أبي هريرة فقال في سنده عاصم بن عمر العمري وهو ضعيف واعتذر عنه الحافظ العراقي بأنه إنما أخرجه شاهدا لحديث ابن عباس وأما حديث جابر فأشار إليه الترمذي حيث قال عقب حديث ابن عباس وفي الباب عن جابر وأبي هريرة وقال العراقي في شرحه رواه ابن حزم من طريق محمد بن القاسم عن يحيى بن أيوب عن عباد بن كثير عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من عمل عمل قوم لوط فاقتلوه ورواه ابن وهب عن يحيى بن أيوب عن رجل عن ابن عقيل انتهى‏.‏ وقد أخرج حديث جابر الحارث ابن أبي أسامة في مسنده وابن جرير في تهذيب الآثار من طريق عباد بن كثير عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن جابر سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول على المنبر من عمل عمل قوم لوط فاقتلوه، وقد رأيت له طريقا آخر من حديث علي وقد فات الحافظين العراقي وابن حجر قال ابن جرير في تهذيب الآثار حدثني محمد بن معمر البحراني ثنا يحيى بن عبد الله بن بكر ثنا حسين بن زيد عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عن علي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يرجم من عمل عمل قوم لوط أحصن أولم يحصن‏.‏

‏(‏تنبيه‏)‏ إنما احتاج الحاكم في تصحيح هذا الحديث إلى شاهد لأن راويه عن عكرمة عن ابن عباس عمرو بن أبي عمرو مولى المطلب وعمرو وثقه الجمهور منهم مالك والبخاري ومسلم وأخرجا حديثه في الصحيحين في الأصول وضعفه أبو داود والنسائي ولأجل ذلك أنكر النسائي حديثه هذا وقال يحيى كان يستضعف قال الذهبي في الميزان بعد حكاية هذا ما هو بمستضعف ولا بضعيف نعم ولا هو في الثقة كالزهري وذويه قال وروى أحمد بن أبي مريم عن ابن معين قال‏:‏ عمرو بن أبي عمرو ثقة ينكر عليه حديث عكرمة عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال اقتلوا الفاعل والمفعول به قال الذهبي عقب ذلك حديثه صالح حسن منحط عن الدرجة العليا من الصحيح انتهى‏.‏ والمقرر في علوم الحديث أن من يكون بهذه الصفة إذا وجد له متابع أو شاهد حكم لحديثه بالصحة فلهذا احتاج الحاكم إلى تخريج حديث أبي هريرة ليكون شاهدا لحديث ابن عباس وإن كان حديث أبي هريرة ليس على شرط الصحيح إلا أنه أورده شاهدا لا أصلا ليتم له تصحيح حديث ابن عباس وقد أورد الحافظ أبو الفضل العراقي عدة طرق لحديث ابن عباس تقوية لتصحيح الحاكم له فقال قد ورد أيضا من رواية داود بن الحصين وعباد بن منصور وحسين بن عبد الله عن عكرمة فهؤلاء ثلاثة متابعين لعمرو بن أبي عمرو فراويه داود أخرجها أحمد في مسنده باللفظ السابق وأخرجها ابن جرير والبيهقي في سننه بلفظ من وقع على الرجل فاقتلوه، ورواية عباد أخرجها البيهقي بلفظ في الذي يعمل عمل قوم لوط وفي الذي يؤتي في نفسه قال يقتل وأخرجه ابن جرير في تهذيب الآثار بلفظ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال اقتلوا الفاعل والمفعول به في اللوطية، ورواية حسين أخرجها الطبراني في الكبير باللفظ السابق‏.‏ وأورد العراقي أيضا لحديث أبي هريرة طريقين آخرين أحدهما في المستدرك ومعجم الطبراني الأوسط والثاني في المعجم الأوسط ولفظهما مخالف للفظ السابق ثم أورد حديث جابر كما تقدم ثم قال وفي الباب عن أبي موسى الأشعري عند البيهقي وعن أيوب عند الطبراني في الكبير هذا جميع ما أورده العراقي من الشواهد لتصحيح حديث ابن عباس‏.‏ قلت وقد وجدت شاهدا آخر زيادة على ذلك قال أبو نعيم في الحلية ثنا أبو محمد طلحة وأبو إسحاق سعد أنبأ محمد بن إسحاق الناقد قالا ثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة ثنا أبي ثنا وكيع ثنا محمد بن قيس عن أبي حصين عن أبي عبد الرحمن أن عثمان أشرف على الناس يوم الدار فقال أما علمتم أنه لا يحب القتل إلا على أربعة رجل كفر بعد إسلامه أو زنى بعد إحصانه أو قتل نفسا بغير نفس أو عمل عمل قوم لوط‏.‏ وقال ابن أبي شيبة في المصنف ثنا وكيع ثنا محمد بن قيس عن أبي حصين عن أبي عبد الرحمن أن عثمان أشرف على الناس يوم الدار فقال أما علمتم أنه لا يحل دم امرئ مسلم إلا بأربعة رجل عمل عمل قوم لوط هذا إسناد صحيح وفي قول عثمان رضي الله عنه للناس أما علمتم دليل على اشتهار هذا عندهم كالثلاثة المذكورة معه‏.‏ وقال ابن أبي شيبة ثنا غسان بن مضر عن سعيد بن يزيد عن أبي نضرة قال سئل ابن عباس ما حد اللوطي قال ينظر إلى أعلى بناء في القرية فيرمى منه منكسا ثم يتبع بالحجارة‏.‏ وقال عبد الرازق في المصنف عن ابن جريج ح وقال ابن أبي شيبة ثنا محمد بن بكر عن ابن جريج قال أخبرني عبد الله بن عثمان بن حثيم سمع مجاهدا وسعيد بن جبير يحدثان عن ابن عباس أنه قال في البكر يوجد على اللوطية إنه يرجم وقال ابن أبي شيبة ثنا وكيع عن ابن أبي ليلى عن القاسم أبي الوليد عن يزيد بن قيس أن عليا رجم لوطيا وقال ثنا وكيع عن سفيان عن جابر عن مجاهد في اللوطى قال يرجم أحصن أو لم يحصن وقال ثنا يزيد أنا حماد بن سلمة عن حماد ابن أبي سليمان عن إبراهيم في اللوطي قال لو كان أحد يرجم مرتين رجم هذا‏.‏ وقال ثنا عبد الأعلى عن سعيد عن قتادة عن عبيد الله بن عبد الله بن معمر في اللوطي قال عليه الرجم قتلة قوم لوط‏.‏ وقال ثنا عبد الأعلى عن سعيد عن قتادة عن جابر بن زيد قال حرمة الدبر أعظم من حرمة الفرج قال قتادة نحن نحمله على الرجم فهذه الآثار كلها شواهد لتقوية حديث ابن عباس وكيف يعتمد مولى يحيى وأبي داود والنسائي في ضعف راويه لو انفرد وقد وثقه رؤس الأئمة مالك والبخاري ومسلم الذين هم مقدمون على كل حافظ في عصرهم ومن بعهدهم وخرجوا له في الأصول وقد قال الذهبي في الموقظة من أخرج له الشيخان أو أحدهما على قسمين أحدهما ما احتجابه في الأصول وثانيهما من خرجا له متابعة وشهادة واعتبارا فمن احتجابه أو أحدهما ولم يوثق ولا عمر فهو ثقة حديثه قوي ومن احتجابه أو أحدهما وتكلم فيه فتارة يكون الكلام في تليينه وحفظه له اعتبار فهذا حديثه لا ينحط عن مرتبة الحسن الذي قد يسميها من أدنى درجات الصحيح فما في الكتابين بحمد الله رجل احتج به البخاري أو مسلم في الأصول ورواياته ضعيفة بل حسنة أو صحيحه ومن خرج له البخاري أو مسلم في الشواهد والمتابعات ففيهم من في حفظه شيء وفي توثيقه تردد فكل من خرج له في الصحيحين فقد قفز القنطرة فلا معدل له إلا ببرهان بين نعم الصحيح مراتب والثقات طبقات انتهى كلام الذهبي في الموقظة، وقد ذكر في الميزان أن عمرو بن أبي عمر خرج حديثه في الصحيحين في الأصول فكيف يحكم على حديثه بالضعف كما تراه في كلام الذهبي هذا وهو لم ينفرد بل له متابعون عن عكرمة ولحديثه شواهد من رواية عدة من الصحابة فلهذا صححه من صححه من الحفاظ ولم يلتفتوا إلى تضعيف من ضعف راويه واحتاج الحاكم إلى إيراد شاهد له لأن أقل أحوال عمرو أن يكون حديثه حسنا فيحتاج إلى شاهد يرقيه إلى درجة الصحة والله أعلم‏.‏ ‏(‏تنبيه آخر‏)‏ ذكر الحافظ ابن حجر في تخريج أحاديث الرافعي أن حديث ابن عباس المذكور مختلف في ثبوته فنبه بذلك على فائدة مهمة من اصطلاح الحديث‏.‏ وقد أحببت أن أبينها لأن من لا إلمام له بعلم الحديث لا يفهم مراده بذلك وربما توهم أن ذلك قدح في الحديث كما رأى من لا معرفه له بالفن قول الترمذي في حديث أنا دار الحكمة وعلى بابها في بعض النسخ هذا حديث منكر فظن أنه أراد أنه باطل أو موضوع لعدم علمه بالمصطلح وجهله أن المنكر من أقسام الضعيف الوارد لا من أقسام الباطل الموضوع وإنما هذا لفظ اصطلحوا عليه وجعلوه لقبا لنوع محدود من أنواع الضعيف كما اصطلح النحاة على جعلهم الموصول مثلا لقبا لبعض أنواع المعرفة وقد وقع للخطيب البغدادي أنه روى في تاريخه حديثا باطلا وقال عقبه هذا حديث منكر فتعقبه الذهبي في الميزان وقال العجب من الخطيب كيف يطلق لفظ المنكر على هذا الخبر الباطل وإنما أطلق المنكر على حديث القلتين ووصف في الميزان عدة أحاديث في مسند أحمد وسنن أبي داود وغيرهما من الكتب المعتمدة بأنها منكرة بل وفي الصحيحين أيضا وما ذاك إلا لمعنى يعرفه الحفاظ وهو أن النكارة ترجع إلى الفردية ولا يلزم من الفردية ضعف متن الحديث فضلا عن بطلانه وطائفة كابن الصلاح ترى أن المنكر والشواذ مترادفان وكم في الصحيح من حديث وصف بالشذوذ كحديث مسلم في نفي قراءة البسملة في الصلاة فإن الإمام الشافعي رضي الله عنه حكم عليه بالشذوذ وليس لك أن تقول قد شرطوا في الصحيح أن لا يكون شاذا فكيف يستقيم أن يكون مخرجا في الصحيح ويحكم عليه بالشذوذ لأن هذا أيضا من عدم معرفتك بالضعف فإن ابن الصلاح لما ذكر ضابط الصحيح وشرط أن لا يكون شاذا قال في آخر الكلام فهذا هو الحديث الذي يحكم له بالصحة بلا خلاف بين أهل الحديث فأشار إلى أن هذا ضابط الصحيح المتفق عليه وبقي من الصحيح نوع آخر لم يدخل في هذا الضابط وهو الصحيح المختلف فيه ولهذا قال الزركشي في شرح مختصر ابن الصلاح خرج الصحيح المختلف فيه عن هذا التعريف ثم قال ابن الصلاح بعد هذا فوائد مهمة‏:‏ أحدها الصحيح يتنوع إلى متفق عليه ومختلف فيه ويتنوع إلى مشهور وغريب وبين ذلك قال الزركشي في شرحه والحافظ ابن حجر في نكته عند هذا الموضع ذكر الحاكم في المدخل أن الصحيح من الحديث ينقسم عشرة أقسام خمسة متفق عليها وخمسة مختلف فيها فالأول من القسم الأول اختيار البخاري ومسلم وهو الدرجة الأولى من الصحيح الذي يرويه الصحابي المشهور الذي له راويان والأحاديث المروية بهذا الشرط لا يبلغ عددها عشرة آلاف‏.‏ الثاني‏:‏ الصحيح بنقل العدل الضابط عن العدل الضابط إلى الصحابي وليس له إلا راو واحد‏.‏ الثالث‏:‏ أخبار جماعة من التابعين الذين ليس لهم إلا راو واحد‏.‏ الرابع‏:‏ هذه الأحاديث الأفراد والغرائب التي يرويها الثقات العدول تفرد بها ثقة من الثقات وليس لها طرق مخرجة في الكتب‏.‏ الخامس‏:‏ أحاديث جماعة من الأئمة عن آبائهم عن أجدادهم ولم تتواتر الرواية عن آبائهم عن أجدادهم بها إلا عنهم‏.‏ وأما الأقسام الخمسة المختلف في صحتها فالأول المرسل صحيح عند أهل الكوفة‏.‏ الثاني‏:‏ رواية المدلسين إذا لم يذكروا سماعهم - وهي سماعهم - صحيحه عند جماعة منهم‏.‏ الثالث‏:‏ خبر يرويه ثقة من الثقات عن إمام من أئمة المسلمين فيسنده ثم يرويه عنه جماعة من الثقات فيرسلونه‏.‏ الرابع‏:‏ رواية محدث صحيح السماع صحيح الكتاب ظاهر العدالة غير أنه لا يعرف ما يحدث به ولا يحفظه فإن هذا القسم صحيح عند أكثر أهل الحديث ومنهم من لا يرى الحجة به‏.‏ الخامس‏:‏ روايات المبتدعة وأهل الأهواء فإن رواياتهم عند أهل العلم مقبولة إذا كانوا صادقين قال الحاكم فهذه الأقسام ذكرتها لئلا يتوهم متوهم أنه ليس بصحيح إلا ما أخرجه البخاري ومسلم انتهى‏.‏ إذا عرفت ذلك فقول الحافظ ابن حجر وحديث ابن عباس مختلف في ثبوته أراد به بيان أنه من قسم الصحيح المختلف فيه لا من القسم المتفق عليه وقصد بذلك تكملة الفائدة فإن طريقته في هذا الكتاب أنه إذا كان الحديث من القسم الأول أطلق ثبوته وإذا كان من القسم الثاني نبه عليه وفي هذا الكتاب الجليل من نفائس الصناعة الحديثية ما لا يعرفه إلا المتبحر في الفن كمؤلفه فليحذر المرء من الأقدام على التكلم في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم بغير علم وليمعن في تحصيل الفن حتى يطول باعه ويرسخ قدمه ويتبحر فيه لئلا يدخل في حديث من تكلم بغير علم لعنته ملائكة السماء والأرض‏.‏ ولا يغتر بكونه لا يجد من ينكر عليه في الدنيا فبعد الموت يأتيه الخبر إما في القبر أو على الصراط والنبي صلى الله عليه وسلم هناك يخاصمه ويقول له كيف تجازف في حديثي وتتكلم في ما ليس لك به علم فأما أن ترد شيئا قلته وإما أن تنسب إلى ما لم أقله أما قرأت فيما أنزل علي ‏"‏ولا تقف ما ليس لك به علم أن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا‏"‏ فيا خيبته يومئذ ويا فضيحته هذا إن مات مسلما وإلا عوقب والعياذ بالله بسوء الخاتمة كما يقول الخطباء على المنابر في بعض الخطب والذنوب فرب ذنب يعاقب العبد عليه بسوء الخاتمة، وكما نقل الشيخ محيي الدين القرشي الحنفي في تذكرته عن الإمام أبي حنيفة رضي الله عنه أنه قال أكثر ما يسلب الناس الإيمان عند الموت وأكبر أسباب ذلك الظلم وأي ظلم أعظم من الجرأة على الخوض في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم بغير علم نسأل الله السلامة والعافية‏.‏